حمص بؤرة للتلوث البيئي .. شركة الأسمدة تعترف بالانبعاثات وتشير الى جهات أخرى ملوثة!! .. المحافظ يطلب ايقاف المعمل والشركة ترد ليس من صلاحيتنا
مياه ملوثة جرثومياً.. سموم سحب من الروائح الكريهة والغبار.. وأذيات صحية.. نشرت السرطانات وشوهت وخربت الجينات الوراثية والخلايا في الانسان...وزرعت الأمراض في الصدور.. والوزمات الرئوية وماذا بقي بعد..؟!!
حمص تئن وتشكو كثرة مصائبها.. ولم يبق إلا اعلانها منطقة منكوبة أو بؤرة للتلوث البيئي!!
فعلاً ماحدث ويحدث مصيبة، محافظة بأكملها يحاصرها التلوث والمضحك المبكي ان هذا الواقع ليس وليد اليوم وانما عمره قد يصل الى ثلاثين عاماً وأكثر..
فخلال هذه السنوات بقيت مشكلة قطينة والقرى المجاورة لمعامل الأسمدة في حمص حاضرة دائماً على طاولة البحث.. وطوال هذه الأعوام شكلت لجان وصدرت قرارات وتعاميم وأجريت أبحاث ومع ذلك بقي الواقع كما هو لم يتغير بل ازداد تلوثاً.. وكأن قدر حمص أن تبقى مع التلوث ومع اجراءات تصدر ولاتنفذ!!
لماذا الآن؟
لأول مرة تتناول الوسائل الاعلامية كافة قضية واحدة لأن الأمر لايمكن السكوت عليه ولأن سحب التلوث والغازات أصابت في الصميم السكان والأطفال.
ولأول مرة يبادر أحد المسؤولين الى توجيه أصابع الاتهام مباشرة وتحميل المسؤولية واقتراح ايقاف معمل السوبر فوسفات الملوث والتحقيق فيما حدث بعد أن كان التطنيش سيد المواقف وهذه تحسب لمصلحة السيد المحافظ ومبادرته الفورية واستجابته لشكوى الناس.
فالموضوع حالياً أصبح جدياً بالرغم من قدمه ولكن ماأثاره هو حالات التسمم والاغماء الذي أصاب سكان وأطفال قرية قطينة نتيجة تأثرهم بغازات سامة وهو ما اعترفت به ادارة الشركة واقرارها بوجود انبعاثات غازية من بعض الأقسام كقسم حمض الكبريت.
وهكذا اجتماعات مستمرة... ولجان مشكلة.. وحلول مكررة.. واجراءات غائبة..!! وأهالي قطينة وغيرها من القرى المحيطة بالمعامل لم تعد هذه الاجتماعات تشفي غليلهم وتحمي صحتهم وأرواحهم ويطالبون وهذا حقهم بحلول سريعة وفورية لمشكلتهم.
ولكن الملاحظ أن معامل الأسمدة في حمص ليست وحدها الملوثة فالمشكلة أكبر من ذلك ووصلت الى المصفاة وتلويثها للهواء والتسربات الناتجة عنها من أبخرة وغازات وروائح وغبار وكذلك شركة السكر وارتفاع قيم الملوثات الصادرة عنها ولاننسى الرحبة العسكرية وماتصرفه من مياه ملوثة بالزيوت والشحوم والمركبات الكيميائية والمعادن الثقيلة وتلويثها للمياه الجوفية.
وطبعاً لمعامل القطاع الخاص سواء كانت مجابل الاسفلت أو منشآت الرخام ومعاصر الزيتون دور هام في التلوث.
أما المسلخ البلدي فوضعه غير سليم حيث يصب مياهه الملوثة في نهر العاصي مطلقاً الروائح ومبعثراً النفايات حول المسلخ وداخل النهر.. ولمحطة المعالجة قصص وحكايات وللأسف القائمة تطول والدراسات والأرقام تتفاوت بين جهة وأخرى.. وكذلك التحاليل البيئية وهذا مستغرب!!
ولأن المسألة قديمة جديدة ولأن التلوث مستمر ولايمكن لأحد أن يضمن مايمكن أن يحدث مستقبلاً وسنعرض الواقع البيئي لحمص بداية من تقرير مديرية البيئة اضافة الى رأي الشركة العامة للأسمدة وتأكيدها أنها ليست الوحيدة المتهمة..
الشركة العامة للأسمدة
يتبع للشركة العامة للأسمدة ثلاثة معامل لانتاج الأسمدة وهي معمل سماد الكالنترو وبدأ انتاجه عام 1972 ومعمل الأمونيا وبدأ انتاجه عام 1980 ومعمل السماد الفوسفاتي بدأ انتاجه عام 1980.
تناول التقرير البيئي الصادر عن مديرية بيئة حمص الملوثات الصادرة عن الشركة.. فبالنسبة لملوثات الهواء لاتتوفر لدى الشركة أية تجهيزات لقياس تلوث الهواء وعند اجراء القياسات يجب أن تراعى الظروف المناخية السائدة من سرعة رياح واتجاهها ودرجة الحرارة والرطوبة اضافة الى ظروف التشغيل الفعلي للأقسام الموجودة في معامل الشركة والتسرب من خطوط الانتاج.. أما بالنسبة لملوثات المياه فيلاحظ في أغلب الأحيان مخالفات واضحة لتراكيز الملوثات المسموح برميها الى نهر العاصي وبحيرة قطينة وخاصة المياه الملوثة الصادرة عن صناعة الأسمدة الفوسفاتية.
وفيما يتعلق بوحدة معالجة مياه الصرف الصحي فهي متوقفة عن العمل منذ عدة سنوات مايؤدي الى تسرب مياه الصرف عبر الأراضي الزراعية مؤدياً الى تلوث جرثومي للمياه الجوفية.
وفي مسألة التلوث الغازي هناك التلوث بالغبار الذي ينتج خلال مراحل انتاج السماد والتلوث بالأكاسيد الآزوتية وبالمركبات الفلورية.
أما الآثار الصحية للغازات الملوثة على صحة الانسان ومنها الفلور وهو من أكثر التأثيرات السمية التي تظهر أذيات وتشوهات للهيكل العظمي كما تؤدي التراكيز المرتفعة من الفلور الى خلل كبير في وظائف الكلى وتهيج الجهاز التنفسي وربما الى السرطانات باعتبار أن الفلور يؤدي الى تخريب الجينات الوراثية لدى الانسان وتشويه في الخلايا ولايقتصر وصول الفلور الى الانسان عن طريق الهواء ويمكن أن يصل عن طريق غذائه بشقيه الحيواني والنباتي باعتبار أن الفلور مادة تتراكم في النبات الذي ينمو في ترب ملوثة بالفلور بالقرب من صناعة الأسمدة الفوسفاتية.
ولغاز ثاني أكسيد الكبريت رائحة مميزة مزعجة مهيجة لأعضاء الجهاز التنفسي ومثيرة للسعال الحاد وخاصة عندما يزداد تركيزه ويصيب العيون بأذى شديد قد يصل حتى فقدان البصر ويحرق الجلد.
ولأكاسيد النتروجين تأثيراتها على الجهاز التنفسي وقد يصبح قاتلاً للانسان والحيوان اذا أصبح تركيزه في الجو عالياً والتعرض بشكل دائم لأكاسيد النتروجين يؤدي الى أمراض صدرية خطيرة.
واقع التلوث المزمن
يؤكد التقرير البيئي حول واقع صرف الملوثات على بحيرة قطينة تدفق المياه الحمضية غير المعدلة في معظم الأوقات من خلال خط الصبيب الجنوبي وتشير التحاليل الى انخفاض واضح في رقم الحموضة الـ PH وارتفاع كبير في شوارد الكبريتات والفوسفات والفلور ويعود السبب الى اهتراء شبكة المياه الملوثة داخل معمل السماد الفوسفاتي وعدم اصلاحها والمضخات التي تقوم بضخ المياه الحمضية المعدلة بالكلس الى أحواض الترقيد في منطقة الوعر وضعها سيئ جداً، حيث لاتوجد في معظم الأوقات سوى مضخة واحدة من أصل ثلاث مضخات وان أي توقف لهذه المضخة عن العمل وعدم جاهزية المضخات الاحتياطية سيؤدي حتماً الى تدفق كميات كبيرة من المياه الملوثة الى بحيرة قطينة.
ولعل المشكلة الكبيرة تكمن في قسم حمض الكبريت والمشكلات الفنية التي يعاني منها فتراكيز حمض الكبريت المنطلقة من هذا المعمل تصل أحياناً الى قيم عالية جداً، وفي حال كان اتجاه الهواء باتجاه قرية قطينة يكون الوضع بالنسبة للأهالي وللبيئة بمكوناتها صعباً ومرعباً، وهذا يحصل كثيراً حيث تختفي القرية وسط دخان كثيف من الملوثات.
ربما هذا أهم ماجاء في التقرير البيئي عن واقع ملوثات الشركة العامة للأسمدة والأمر لايقتصر فقط هنا فالملوثات كثيرة في حمص ومنها الصادرة عن مصفاة حمص وشركة السكر وشركة الوليد للغزل والنسيج والشركة العامة لعصير العنب في زيدل ـ وشركة ألبان حمص ـ والشركة العامة للغزل والنسيج والصباغة ـ وغيرها الكثير...
مصفاة حمص
باشرت الشركة العامة لمصفاة حمص عملها عام 1959 وهناك مصادر عديدة للتلوث الناجم عنها ومن مصادر تلوث المياه تداخل شبكات التصريف للمياه المطرية والصرف الصحي والصناعي وهذا يؤدي الى زيادة كمية المياه الداخلة لمحطة معالجة المياه خاصة في الشتاء وارتفاع نسبة الزيوت في المياه الملوثة الواردة الى المحطة مايؤثر سلباً على الحوض البيولوجي في وحدة المعالجة ويؤدي الى تعطيل عمل البكتريا وينتج عن محطة معالجة المياه الملوثة 168 طناً/يوم من مادة السلدج والتي تلقى في رامات قرب المصفاة مسببة تلوث التربة والمياه.
أما مصادر تلوث الهواء فقد تبين وجود تسربات أبخرة المواد العضوية الطيارة ومنها بنزين تولونين ـ ايتيل البنزين، والغازات من الصمامات والمضخات والضواغط كذلك انتشار روائح واخزة من الأحواض المكشوفة المخصصة لفصل الزيت عن الماء.
وتتصاعد من دارة الكونيش أبخرة خفيفة من مركبات كبريتية اضافة الى أبخرة ثقيلة من مركبات حلقية وهذا يسبب ازعاجاً لمدينة حمص مع ضررها على العاملين.
اضافة الى الغبار المتصاعد من المصفاة والمواد الهيدروكربونية المنطلقة الى الجو، والغازات والروائح المنتشرة في خزانات النفط ومشتقاته وغازات أول أكسيد الكربون وحمض الكبريت.
أما الفضلات الصلبة فهناك الفحم الناتج عن وحدة التفحيم والذي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت، ونواتج تنظيف الخزانات والزيوت المستهلكة من زيوت سيارات وزيوت ضواغط ومخلفات العمليات الانتاجية ورامات تجميع السلدج واسطوانات بعض المواد مثل الكلور والأمونيا.
وكان التقرير البيئي قد أكد ان مشروع تحسين الواقع البيئي لوحدات المصفاة يؤدي الى التخفيف من نسبة التلوث ولكن لن يؤدي الى انهائه وان قسماً كبيراً من تلوث الهواء والماء الذي مصدره المصفاة يعود الى الاهمال وعدم المراقبة وقد اتخذ قرار اعادة تأهيل المصفاة عام 2001 بكلفة قدرها 100 مليون دولار وعدل المشروع لتوسيعه ليكون أكثر شمولية بكلفة قدرها 590 مليون دولار عام 2003 وللملوثات تأثيرات عديدة منها أكاسيد الآزوت وتسبب التهاب أنسجة الرئة، واستنشاقها لفترات طويلة يسبب شلل الجملة العصبية.
وأكاسيد الكبريت تسبب تخرشاً للأغشية المخاطية وفي حال ازدياد تركيزه يخرش جهاز التنفس ويصيب بنوبات سعال وفي حال أصبح التركيز أعلى يصبح خطراً على حياة الانسان وأكاسيد الكربون يحول استنشاقها دون وصول الأوكسجين الى الخلايا والأنسجة.
أما الهيدروكربونات العطرية فهي مادة مسممة وعامل مسرطن وهي كمواد مهيجة للأغشية المخاطية تسبب الوزمات الرئوية ونزف الجهاز التنفسي.
شركة سكر حمص
من أهم ملوثات الشركة ملوثات غازية ناتجة عن احتراق الفيول في قسم المراجل ومنصرفات سائلة وتقوم الشركة العامة للصرف الصحي بإجراء التحاليل لمنصرفات شركة السكر ونتيجتها ارتفاع في قيم مؤشرات هذه المنصرفات السائلة عن الحدود القصوى المسموح بصرفها للشبكة العامة للصرف الصحي فالخلل في عملية التنقية البيولوجية لمنصرفات الشركة في محطة المعالجة ناتج عن الارتفاع الكبير في قيم الملوثات المنصرفة عن شركة السكر ووجود مركبات الفيوزيل الناتجة عن عملية التقطير في معمل الكحول.
الرحبة
ينتج عن الرحبة مياه صناعية ملوثة بالزيوت والشحوم والمركبات الكيميائية والمعادن الثقيلة اضافة الى الصرف الصحي وهناك ملاحظات حول محطة معالجة المياه الملوثة في الرحبة وهي أن أرضيات أحواض التهوية غير كتيمة اطلاقاً كونها ترابية وهي تقوم بتسريب المياه المتجمعة في أحواض التهوية الى المياه الجوفية.
وهذا يؤدي الى تلويث المياه الجوفية وربما تسرب الى البحيرة عبر ميول طبقات التربة من موقع هذه الأحواض الى البحيرة.
معامل القطاع الخاص
باعتبار حمص تقع وسط سورية فقد تركزت فيها صناعات كبيرة ومتوسطة وصغيرة وأعطيت هذه الصناعات تراخيص مؤقتة في وقت لم يكن فيه للمعايير البيئية أي اعتبار ما سبب بعض المشكلات البيئية.
والمشكلات لم تنته!
بعد أن تفاقمت مشكلة مجابل الاسفلت بحمص وأدت الى تلوث في المياه الجوفية ورمي المخلفات الصلبة بشكل عشوائي وتلوث الهواء نتيجة الغبار الصادر عن هذه الصناعة تم تجميع هذه المجابل في منطقة واحدة بعيدة عن مركز المدينة ليسهل التحكم بها ومراقبتها ومع ذلك بقيت النتائج دون الطموحات بسبب تدني كفاءة الفلاتر.
أما ماينتج عن منشآت قص وجلي الرخام والبلاط فإنه يرمى بشكل عشوائي في حمص ما يؤدي الى تلوث المياه الجوفية والتربة.
وهناك مشكلات ناتجة عن الصناعات الغذائية مثل معامل الألبان والأجبان وصناعة الزيوت النباتية وتلويثها للمياه الجوفية والآبار اضافة الى تملح التربة وموت الأشجار في المناطق المحيطة بهذه المعامل.
أما المشكلات الناتجة عن بعض الصناعات الكيميائية فهي خروج الأراضي الزراعية من الخدمة وتلوث الآبار والمياه الجوفية وتلوث الهواء بالمناطق المحيطة بالمعامل.
ويمكن القول اذاً :إن معظم منشآت القطاع الخاص تفتقر الى وجود محطات معالجة لمنصرفاتها وان وجدت فهي تعمل دون الكفاءة المطلوبة.
وفيما يتعلق بمعاصر الزيتون تنتشر بصورة عشوائية في مناطق مختلفة وخاصة قرب مناطق زراعة الزيتون وتقسم الملوثات الناجمة عن معاصر الزيتون الى مياه الجفت وهي مياه شديدة التلوث بالمركبات العضوية والتي تؤدي الى انتشار الروائح الكريهة وتلوث المياه الجوفية اضافة الى المخلفات الصلبة أو مايدعى بالبيرين.
وقد شكلت لجان وصدرت تعاميم لمعالجة مشكلة معاصر الزيتون ومع ذلك بقي الوضع على ماهو عليه من تلوث كما تم الزام أصحاب المعاصر بعمل حفر بيتونية لتجميع مياه الجفت الناتجة عن المعصرة ريثما يتم الوصول الى انشاء محطات معالجة ولم يتم الالتزام بهذا المقترح.
وبالنسبة للتلوث الناتج عن المسلخ البلدي في حمص هناك تفاوت في مستوى النظافة والروائح، والمياه الملوثة تصب في نهر العاصي اضافة الى وجود نفايات صلبة حول حرم المسلخ وداخل النهر فالواقع البيئي غير سليم وهناك تلوث في المياه والهواء والأرض والروائح الكريهة.
أما واقع الصرف الصحي لمدينة حمص والمياه الناتجة عن التجمعات الصناعية الواقعة ضمن المخطط التنظيمي لمدينة حمص في محطة المعالجة /الدوير/ فتعاني محطة المعالجة من صعوبات نتيجة انخفاض استهلاك الفرد من المياه ما أدى الى ارتفاع نسبة الملوثات الداخلة الى المحطة وكذلك ارتفاع تركيز الملوثات الصناعية المنصرفة الى شبكة المجاري عن الحدود المسموح بها. أما المشكلة الأكبر فهي التخلص من الحمأة الناتجة عنها وماينتج عنها من مشكلات وروائح ضارة.
ويبقى التلوث الصادر عن عوادم السيارات و تسعى مديرية شؤون البيئة في حمص للحد من التلوث الغازي الصادر عن عوادم السيارات وآثاره السلبية على صحة الانسان والبيئة من خلال جولات ميدانية في المحافظة وأخذ أرقام السيارات المخالفة منذ بداية عام 2003 وذلك لمعالجة أداء المحرك بما يضمن سلامة البيئة والصحة.
الشركة العامة للأسمدة وفي ردها على التقرير البيئي أكدت الغالبية العظمى من النقاط الواردة.. أما المعلومات التي قدمها طبيب الشركة حول الآثار الصحية للغازات على صحة الانسان فإنها لم تلحظ أية حالة من حالات الاصابة بالفلور كتشخيص مرضي لدى العاملين في الشركة وأهم معالم الاصابة كانت ترقط الأسنان وتآكل أربطة المفاصل كما أن الدراسات حول سمية الفلور تناولت استهلاكه عن طريق الجهاز الهضمي ومع المياه ولم تتعرض الدراسات لحالات استنشاق الفلور بالشكل الغازي وحول تأثير حمض الكبريت وأكاسيد النتروجين لم يلاحظ الطبيب أية منعكسات على صحة العاملين.
الشركة ترد...!!
بناءً على التقرير النهائي للجنة المشكلة بالقرار رقم /65/ تاريخ 29/2/2004 والصادر عن السيد رئيس مجلس الشعب ومهمتها دراسة الأضرار الناتجة عن التلوث البيئي من جراء عمل الشركة العامة للأسمدة في حمص ردت الشركة بأن التلوث البيئي للبحيرة ونهر العاصي والجوار ناتج عن عدة منشآت صناعية متقاربة (قطاع عام ـ قطاع خاص) ومن أهمها الشركة العامة للأسمدة (معمل السماد الفوسفاتي) والرحبة في قطينة والشركة العامة لمصفاة حمص والقطاع الخاص من معامل بوظة ومعامل علف الدواجن وغيرها.
وتم التعاقد مع هيئة الطاقة الذرية لاجراء مسح بيئي شامل للمنطقة المحيطة بالشركة ولفترة تسعة أشهر لمعرفة كافة الملوثات الغازية والقيم الحقيقية لها، كما استقدمت الشركة رئيس معهد الأبحاث البيئية في جامعة Leobon النمساوية الذي درس واقع الشركة وقدم تقريره عنها.
هيئة الطاقة الذرية وبناء على طلب الشركة العامة للأسمدة قدمت تقريرها حول تقييم أثر معامل الشركة على العاملين والبيئة المجاورة وذلك في الشهر الثالث من عام 2005 وأكد التقرير أن قياسات ملوثات الهواء داخل أقسام معامل الشركة العامة للأسمدة معظمها تقع دون الحدود المسموح بها مع وجود ارتفاع طفيف في تراكيز الكبريت والأمونيا في قسم انتاج حمض الكبريت والكالنترو اضافة الى ارتفاع تراكيز الغبار في حرم المعامل.
كما دلت النتائج للعينات البيئية المختلفة التي جمعت من المناطق المجاورة للمعامل (المباركية ـ قطينة ـ تل الشور) على وجود ارتفاع طفيف في تراكيز الكادميوم والفلور في بعض العينات النباتية والتربة الزراعية التي جمعت من قطينة المباركية أما تراكيز الكادميوم والفلور فهي مرتفعة في المناطق القريبة من سور المعامل.
ملوثات صناعة الفوسفات
تعد الصناعة الفوسفاتية من مرحلة الاستخراج الى مرحلة تصنيع المركبات الفوسفاتية واستخداماتها احدى المصادر الهامة لتلويث البيئة السورية ومن أهم الملوثات :العوالق الهوائية الناجمة عن عمليات النقل والتفريغ والانتاج في مناطق مناجم الفوسفات وتخزينها وتصديرها ومعامل الأسمدة الفوسفاتية وتؤثر هذه العوالق بشكل مباشر في القرى المجاورة المأهولة بالسكان والغطاء النباتي المحيط.
وتختلف نوعية الانبعاثات وكمياتها تبعاً للعمليات الفيزيائية والكيميائية المستخدمة في عملية التصنيع وطبيعة المادة الخام وماتحويه من مركبات سامة وتشمل الانبعاثات الصادرة عن تصنيع حمض الفوسفور والناجمة عن تصنيع أحادي وثلاثي سوبر فوسفات والانبعاثات الناجمة عن تصنيع الأسمدة متعددة المغذيات.
ونظراً للأثر البيئي والصحي لهذه الصناعة وقعت الشركة عقداً مع هيئة الطاقة الذرية السورية لاجراء دراسة لملوثات البيئة المجاورة للشركة حيث تقع معامل الأسمدة الفوسفاتية والآزوتية بالقرب من بلدة قطينة في منطقة زراعية مأهولة بالسكان وعلى ضفاف بحيرة قطينة وجرى قياس مستويات العوالق الهوائية والغازات المختلفة داخل حرم معمل الأسمدة وقياس مستويات الضجيج ضمن أقسام المعمل وتقييم الآثار الناجمة عن المنبعثات المنطلقة من الشركة العامة للأسمدة على القرى المجاورة.
ودلت نتائج تراكيز الملوثات في العوالق الهوائية ضمن حرم المعمل على ارتفاع نسب الفوسفات في العوالق وكذلك في المناطق المجاورة.
كما يعتبر الضجيج من الملوثات الهامة في بيئة المعمل.
وتنتقل الملوثات الناجمة عن الصناعة الفوسفاتية الى البيئة المجاورة إما عن طريق سقوط الغبار والعوالق الهوائية المحملة بالملوثات على التربة والنباتات الورقية وري المزروعات بمياه ملوثة نتيجة رمي النفايات السائلة في مصادر المياه كالأنهار والبحيرات أوغسل الملوثات من النفايات الصلبة كالفوسفوجبسوم وانتقالها الى المياه السطحية والجوفية ولوحظ أن بعض المزروعات تروى بمياه بحيرة قطينة ونهر العاصي والمتأثرة بالصناعة الفوسفاتية أما تراكيز الكادميوم والفلور فلوحظ أن أعلى التراكيز بالقرب من الجهة الشرقية والجنوبية الشرقية للمعمل.
الرأي الطبي للشركة
أكد طبيب الشركة ونتيجة لفحص عمال المعامل الثلاثة لشركة الأسمدة لعام 2003 ـ 2004 أن التهاب البلعوم والأغشية المخاطية هو أكثر الأمراض انتشاراً في الشركة وأقل ماتكون عليه في معمل الكالنترو وتتضاعف في معمل الأمونيا وتشمل الأذيات التنفسية (الربو ـ ايجابية الصورة الشعاعية ـ اضافة الى السعال والزلة التنفسية والقشع والألم الصدري والنسب متقاربة في المعامل الثلاثة).
ولوحظت زيادة نسبة الآفات القلبية والوعائية في معمل الكالنترو وبشكل ملحوظ عن باقي المعامل وتشمل الآفات القلبية احتشاء العضلة القلبية وارتفاع التوتر الشرياني وقثطرة قلبية ايجابية.
كما ترتفع نسبة نقص السمع في معمل الأمونيا يوريا ويعزا ذلك الى الضجيج وفيما يخص الآلام العظمية والمفصلية تشكل حوالي 3،14% ويلاحظ زيادتها في معمل سماد السوبر فوسفات وفي معمل الكالنترو.
وتمت معايرة الفلور في بول /164/ عاملاً في الشركة بالتعاون مع مخبر السموم في وزارة الصحة من معمل سماد السوبر فوسفات ولوحظ أن 71 عاملاً تجاوزت قيمة الفلور لديهم في البول 5،0 ملغ/ليتر ولايمكن أن تندرج هذه الفئة تحت بند تسمم بالفلور كون حدود التعرض المهني هي 4 ـ 5 ملغ/ليتر.
ولاتزال العلاقة بين مقدار الفلور الحيوي في الجسم والأعراض والعلامات السريرية غير واضحة.
كما تم احصاء الاصابات السرطانية في الشركة عام 1990 وبلغت /47/ حالة منها سرطانات الرئة والدم والجهاز الهضمي وسرطان العظام والخصية والجلدية والحنجرة وسرطان درق وسرطان البلعوم الأنفي والثدي..
تحري الفلور
في عام 2000 اشتكى الأهالي القاطنين في المناطق القريبة من معمل السماد الآزوتي من تسمم بمادة الفلور المنطلقة من مداخن المعمل وعلمت مديرية صحة دمشق أن هناك حوالي 4000 عامل يعانون من أعراض تتراوح مابين ترقق العظام ـ وأعراض قلبية ـ نقص تكلس ـ آلام مفصلية علماً أنه لايوجد حول المعمل أثر للحياة من حيوان ونبات وقام مخبر السموم بالاجراءات اللازمة لأخذ العينات ومراسلة منظمة الصحة العالمية حول التراكيز الطبيعية المسموح بها والسامة المعتمدة لعينة البول والمياه اضافة الى مسح المناطق المحيطة بالمعمل.
ودلت معظم النتائج على أن التركيز المرتفع يقع ضمن المباركية وكمام والمعمل وقطينة وهي المناطق الأقرب الى المعمل أما نسبة الحالات المرضية لعمال المعمل فكانت عالية ففي عام 2004 كانت النسبة 3،43%.
وفي عام 2001 ارسلت عينات عشوائية الى جامعة ميونخ لتحليلها وفي عام 2002 تم الاشتراك ببرنامج ترابط لضبط جودة التحاليل المخبرية مع هيئة الطاقة الذرية وكانت النتائج مطابقة.
وبعد...
حلول كثيرة تطرح وهي أساساً ليست جديدة ومنها نقل المعامل الملوثة وتوجيه الانذارات للشركات الملوثة سواء القطاع العام أو الخاص والعمل على تأهيل محطة المعالجة وغيرها الكثير.. ومايهم الناس فعلاً أن لاتبقى الاجراءات وكالعادة على الورق.. خوفاً من تكرار ماحدث في قطينة وضماناً لحياة وصحة
مياه ملوثة جرثومياً.. سموم سحب من الروائح الكريهة والغبار.. وأذيات صحية.. نشرت السرطانات وشوهت وخربت الجينات الوراثية والخلايا في الانسان...وزرعت الأمراض في الصدور.. والوزمات الرئوية وماذا بقي بعد..؟!!
حمص تئن وتشكو كثرة مصائبها.. ولم يبق إلا اعلانها منطقة منكوبة أو بؤرة للتلوث البيئي!!
فعلاً ماحدث ويحدث مصيبة، محافظة بأكملها يحاصرها التلوث والمضحك المبكي ان هذا الواقع ليس وليد اليوم وانما عمره قد يصل الى ثلاثين عاماً وأكثر..
فخلال هذه السنوات بقيت مشكلة قطينة والقرى المجاورة لمعامل الأسمدة في حمص حاضرة دائماً على طاولة البحث.. وطوال هذه الأعوام شكلت لجان وصدرت قرارات وتعاميم وأجريت أبحاث ومع ذلك بقي الواقع كما هو لم يتغير بل ازداد تلوثاً.. وكأن قدر حمص أن تبقى مع التلوث ومع اجراءات تصدر ولاتنفذ!!
لماذا الآن؟
لأول مرة تتناول الوسائل الاعلامية كافة قضية واحدة لأن الأمر لايمكن السكوت عليه ولأن سحب التلوث والغازات أصابت في الصميم السكان والأطفال.
ولأول مرة يبادر أحد المسؤولين الى توجيه أصابع الاتهام مباشرة وتحميل المسؤولية واقتراح ايقاف معمل السوبر فوسفات الملوث والتحقيق فيما حدث بعد أن كان التطنيش سيد المواقف وهذه تحسب لمصلحة السيد المحافظ ومبادرته الفورية واستجابته لشكوى الناس.
فالموضوع حالياً أصبح جدياً بالرغم من قدمه ولكن ماأثاره هو حالات التسمم والاغماء الذي أصاب سكان وأطفال قرية قطينة نتيجة تأثرهم بغازات سامة وهو ما اعترفت به ادارة الشركة واقرارها بوجود انبعاثات غازية من بعض الأقسام كقسم حمض الكبريت.
وهكذا اجتماعات مستمرة... ولجان مشكلة.. وحلول مكررة.. واجراءات غائبة..!! وأهالي قطينة وغيرها من القرى المحيطة بالمعامل لم تعد هذه الاجتماعات تشفي غليلهم وتحمي صحتهم وأرواحهم ويطالبون وهذا حقهم بحلول سريعة وفورية لمشكلتهم.
ولكن الملاحظ أن معامل الأسمدة في حمص ليست وحدها الملوثة فالمشكلة أكبر من ذلك ووصلت الى المصفاة وتلويثها للهواء والتسربات الناتجة عنها من أبخرة وغازات وروائح وغبار وكذلك شركة السكر وارتفاع قيم الملوثات الصادرة عنها ولاننسى الرحبة العسكرية وماتصرفه من مياه ملوثة بالزيوت والشحوم والمركبات الكيميائية والمعادن الثقيلة وتلويثها للمياه الجوفية.
وطبعاً لمعامل القطاع الخاص سواء كانت مجابل الاسفلت أو منشآت الرخام ومعاصر الزيتون دور هام في التلوث.
أما المسلخ البلدي فوضعه غير سليم حيث يصب مياهه الملوثة في نهر العاصي مطلقاً الروائح ومبعثراً النفايات حول المسلخ وداخل النهر.. ولمحطة المعالجة قصص وحكايات وللأسف القائمة تطول والدراسات والأرقام تتفاوت بين جهة وأخرى.. وكذلك التحاليل البيئية وهذا مستغرب!!
ولأن المسألة قديمة جديدة ولأن التلوث مستمر ولايمكن لأحد أن يضمن مايمكن أن يحدث مستقبلاً وسنعرض الواقع البيئي لحمص بداية من تقرير مديرية البيئة اضافة الى رأي الشركة العامة للأسمدة وتأكيدها أنها ليست الوحيدة المتهمة..
الشركة العامة للأسمدة
يتبع للشركة العامة للأسمدة ثلاثة معامل لانتاج الأسمدة وهي معمل سماد الكالنترو وبدأ انتاجه عام 1972 ومعمل الأمونيا وبدأ انتاجه عام 1980 ومعمل السماد الفوسفاتي بدأ انتاجه عام 1980.
تناول التقرير البيئي الصادر عن مديرية بيئة حمص الملوثات الصادرة عن الشركة.. فبالنسبة لملوثات الهواء لاتتوفر لدى الشركة أية تجهيزات لقياس تلوث الهواء وعند اجراء القياسات يجب أن تراعى الظروف المناخية السائدة من سرعة رياح واتجاهها ودرجة الحرارة والرطوبة اضافة الى ظروف التشغيل الفعلي للأقسام الموجودة في معامل الشركة والتسرب من خطوط الانتاج.. أما بالنسبة لملوثات المياه فيلاحظ في أغلب الأحيان مخالفات واضحة لتراكيز الملوثات المسموح برميها الى نهر العاصي وبحيرة قطينة وخاصة المياه الملوثة الصادرة عن صناعة الأسمدة الفوسفاتية.
وفيما يتعلق بوحدة معالجة مياه الصرف الصحي فهي متوقفة عن العمل منذ عدة سنوات مايؤدي الى تسرب مياه الصرف عبر الأراضي الزراعية مؤدياً الى تلوث جرثومي للمياه الجوفية.
وفي مسألة التلوث الغازي هناك التلوث بالغبار الذي ينتج خلال مراحل انتاج السماد والتلوث بالأكاسيد الآزوتية وبالمركبات الفلورية.
أما الآثار الصحية للغازات الملوثة على صحة الانسان ومنها الفلور وهو من أكثر التأثيرات السمية التي تظهر أذيات وتشوهات للهيكل العظمي كما تؤدي التراكيز المرتفعة من الفلور الى خلل كبير في وظائف الكلى وتهيج الجهاز التنفسي وربما الى السرطانات باعتبار أن الفلور يؤدي الى تخريب الجينات الوراثية لدى الانسان وتشويه في الخلايا ولايقتصر وصول الفلور الى الانسان عن طريق الهواء ويمكن أن يصل عن طريق غذائه بشقيه الحيواني والنباتي باعتبار أن الفلور مادة تتراكم في النبات الذي ينمو في ترب ملوثة بالفلور بالقرب من صناعة الأسمدة الفوسفاتية.
ولغاز ثاني أكسيد الكبريت رائحة مميزة مزعجة مهيجة لأعضاء الجهاز التنفسي ومثيرة للسعال الحاد وخاصة عندما يزداد تركيزه ويصيب العيون بأذى شديد قد يصل حتى فقدان البصر ويحرق الجلد.
ولأكاسيد النتروجين تأثيراتها على الجهاز التنفسي وقد يصبح قاتلاً للانسان والحيوان اذا أصبح تركيزه في الجو عالياً والتعرض بشكل دائم لأكاسيد النتروجين يؤدي الى أمراض صدرية خطيرة.
واقع التلوث المزمن
يؤكد التقرير البيئي حول واقع صرف الملوثات على بحيرة قطينة تدفق المياه الحمضية غير المعدلة في معظم الأوقات من خلال خط الصبيب الجنوبي وتشير التحاليل الى انخفاض واضح في رقم الحموضة الـ PH وارتفاع كبير في شوارد الكبريتات والفوسفات والفلور ويعود السبب الى اهتراء شبكة المياه الملوثة داخل معمل السماد الفوسفاتي وعدم اصلاحها والمضخات التي تقوم بضخ المياه الحمضية المعدلة بالكلس الى أحواض الترقيد في منطقة الوعر وضعها سيئ جداً، حيث لاتوجد في معظم الأوقات سوى مضخة واحدة من أصل ثلاث مضخات وان أي توقف لهذه المضخة عن العمل وعدم جاهزية المضخات الاحتياطية سيؤدي حتماً الى تدفق كميات كبيرة من المياه الملوثة الى بحيرة قطينة.
ولعل المشكلة الكبيرة تكمن في قسم حمض الكبريت والمشكلات الفنية التي يعاني منها فتراكيز حمض الكبريت المنطلقة من هذا المعمل تصل أحياناً الى قيم عالية جداً، وفي حال كان اتجاه الهواء باتجاه قرية قطينة يكون الوضع بالنسبة للأهالي وللبيئة بمكوناتها صعباً ومرعباً، وهذا يحصل كثيراً حيث تختفي القرية وسط دخان كثيف من الملوثات.
ربما هذا أهم ماجاء في التقرير البيئي عن واقع ملوثات الشركة العامة للأسمدة والأمر لايقتصر فقط هنا فالملوثات كثيرة في حمص ومنها الصادرة عن مصفاة حمص وشركة السكر وشركة الوليد للغزل والنسيج والشركة العامة لعصير العنب في زيدل ـ وشركة ألبان حمص ـ والشركة العامة للغزل والنسيج والصباغة ـ وغيرها الكثير...
مصفاة حمص
باشرت الشركة العامة لمصفاة حمص عملها عام 1959 وهناك مصادر عديدة للتلوث الناجم عنها ومن مصادر تلوث المياه تداخل شبكات التصريف للمياه المطرية والصرف الصحي والصناعي وهذا يؤدي الى زيادة كمية المياه الداخلة لمحطة معالجة المياه خاصة في الشتاء وارتفاع نسبة الزيوت في المياه الملوثة الواردة الى المحطة مايؤثر سلباً على الحوض البيولوجي في وحدة المعالجة ويؤدي الى تعطيل عمل البكتريا وينتج عن محطة معالجة المياه الملوثة 168 طناً/يوم من مادة السلدج والتي تلقى في رامات قرب المصفاة مسببة تلوث التربة والمياه.
أما مصادر تلوث الهواء فقد تبين وجود تسربات أبخرة المواد العضوية الطيارة ومنها بنزين تولونين ـ ايتيل البنزين، والغازات من الصمامات والمضخات والضواغط كذلك انتشار روائح واخزة من الأحواض المكشوفة المخصصة لفصل الزيت عن الماء.
وتتصاعد من دارة الكونيش أبخرة خفيفة من مركبات كبريتية اضافة الى أبخرة ثقيلة من مركبات حلقية وهذا يسبب ازعاجاً لمدينة حمص مع ضررها على العاملين.
اضافة الى الغبار المتصاعد من المصفاة والمواد الهيدروكربونية المنطلقة الى الجو، والغازات والروائح المنتشرة في خزانات النفط ومشتقاته وغازات أول أكسيد الكربون وحمض الكبريت.
أما الفضلات الصلبة فهناك الفحم الناتج عن وحدة التفحيم والذي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت، ونواتج تنظيف الخزانات والزيوت المستهلكة من زيوت سيارات وزيوت ضواغط ومخلفات العمليات الانتاجية ورامات تجميع السلدج واسطوانات بعض المواد مثل الكلور والأمونيا.
وكان التقرير البيئي قد أكد ان مشروع تحسين الواقع البيئي لوحدات المصفاة يؤدي الى التخفيف من نسبة التلوث ولكن لن يؤدي الى انهائه وان قسماً كبيراً من تلوث الهواء والماء الذي مصدره المصفاة يعود الى الاهمال وعدم المراقبة وقد اتخذ قرار اعادة تأهيل المصفاة عام 2001 بكلفة قدرها 100 مليون دولار وعدل المشروع لتوسيعه ليكون أكثر شمولية بكلفة قدرها 590 مليون دولار عام 2003 وللملوثات تأثيرات عديدة منها أكاسيد الآزوت وتسبب التهاب أنسجة الرئة، واستنشاقها لفترات طويلة يسبب شلل الجملة العصبية.
وأكاسيد الكبريت تسبب تخرشاً للأغشية المخاطية وفي حال ازدياد تركيزه يخرش جهاز التنفس ويصيب بنوبات سعال وفي حال أصبح التركيز أعلى يصبح خطراً على حياة الانسان وأكاسيد الكربون يحول استنشاقها دون وصول الأوكسجين الى الخلايا والأنسجة.
أما الهيدروكربونات العطرية فهي مادة مسممة وعامل مسرطن وهي كمواد مهيجة للأغشية المخاطية تسبب الوزمات الرئوية ونزف الجهاز التنفسي.
شركة سكر حمص
من أهم ملوثات الشركة ملوثات غازية ناتجة عن احتراق الفيول في قسم المراجل ومنصرفات سائلة وتقوم الشركة العامة للصرف الصحي بإجراء التحاليل لمنصرفات شركة السكر ونتيجتها ارتفاع في قيم مؤشرات هذه المنصرفات السائلة عن الحدود القصوى المسموح بصرفها للشبكة العامة للصرف الصحي فالخلل في عملية التنقية البيولوجية لمنصرفات الشركة في محطة المعالجة ناتج عن الارتفاع الكبير في قيم الملوثات المنصرفة عن شركة السكر ووجود مركبات الفيوزيل الناتجة عن عملية التقطير في معمل الكحول.
الرحبة
ينتج عن الرحبة مياه صناعية ملوثة بالزيوت والشحوم والمركبات الكيميائية والمعادن الثقيلة اضافة الى الصرف الصحي وهناك ملاحظات حول محطة معالجة المياه الملوثة في الرحبة وهي أن أرضيات أحواض التهوية غير كتيمة اطلاقاً كونها ترابية وهي تقوم بتسريب المياه المتجمعة في أحواض التهوية الى المياه الجوفية.
وهذا يؤدي الى تلويث المياه الجوفية وربما تسرب الى البحيرة عبر ميول طبقات التربة من موقع هذه الأحواض الى البحيرة.
معامل القطاع الخاص
باعتبار حمص تقع وسط سورية فقد تركزت فيها صناعات كبيرة ومتوسطة وصغيرة وأعطيت هذه الصناعات تراخيص مؤقتة في وقت لم يكن فيه للمعايير البيئية أي اعتبار ما سبب بعض المشكلات البيئية.
والمشكلات لم تنته!
بعد أن تفاقمت مشكلة مجابل الاسفلت بحمص وأدت الى تلوث في المياه الجوفية ورمي المخلفات الصلبة بشكل عشوائي وتلوث الهواء نتيجة الغبار الصادر عن هذه الصناعة تم تجميع هذه المجابل في منطقة واحدة بعيدة عن مركز المدينة ليسهل التحكم بها ومراقبتها ومع ذلك بقيت النتائج دون الطموحات بسبب تدني كفاءة الفلاتر.
أما ماينتج عن منشآت قص وجلي الرخام والبلاط فإنه يرمى بشكل عشوائي في حمص ما يؤدي الى تلوث المياه الجوفية والتربة.
وهناك مشكلات ناتجة عن الصناعات الغذائية مثل معامل الألبان والأجبان وصناعة الزيوت النباتية وتلويثها للمياه الجوفية والآبار اضافة الى تملح التربة وموت الأشجار في المناطق المحيطة بهذه المعامل.
أما المشكلات الناتجة عن بعض الصناعات الكيميائية فهي خروج الأراضي الزراعية من الخدمة وتلوث الآبار والمياه الجوفية وتلوث الهواء بالمناطق المحيطة بالمعامل.
ويمكن القول اذاً :إن معظم منشآت القطاع الخاص تفتقر الى وجود محطات معالجة لمنصرفاتها وان وجدت فهي تعمل دون الكفاءة المطلوبة.
وفيما يتعلق بمعاصر الزيتون تنتشر بصورة عشوائية في مناطق مختلفة وخاصة قرب مناطق زراعة الزيتون وتقسم الملوثات الناجمة عن معاصر الزيتون الى مياه الجفت وهي مياه شديدة التلوث بالمركبات العضوية والتي تؤدي الى انتشار الروائح الكريهة وتلوث المياه الجوفية اضافة الى المخلفات الصلبة أو مايدعى بالبيرين.
وقد شكلت لجان وصدرت تعاميم لمعالجة مشكلة معاصر الزيتون ومع ذلك بقي الوضع على ماهو عليه من تلوث كما تم الزام أصحاب المعاصر بعمل حفر بيتونية لتجميع مياه الجفت الناتجة عن المعصرة ريثما يتم الوصول الى انشاء محطات معالجة ولم يتم الالتزام بهذا المقترح.
وبالنسبة للتلوث الناتج عن المسلخ البلدي في حمص هناك تفاوت في مستوى النظافة والروائح، والمياه الملوثة تصب في نهر العاصي اضافة الى وجود نفايات صلبة حول حرم المسلخ وداخل النهر فالواقع البيئي غير سليم وهناك تلوث في المياه والهواء والأرض والروائح الكريهة.
أما واقع الصرف الصحي لمدينة حمص والمياه الناتجة عن التجمعات الصناعية الواقعة ضمن المخطط التنظيمي لمدينة حمص في محطة المعالجة /الدوير/ فتعاني محطة المعالجة من صعوبات نتيجة انخفاض استهلاك الفرد من المياه ما أدى الى ارتفاع نسبة الملوثات الداخلة الى المحطة وكذلك ارتفاع تركيز الملوثات الصناعية المنصرفة الى شبكة المجاري عن الحدود المسموح بها. أما المشكلة الأكبر فهي التخلص من الحمأة الناتجة عنها وماينتج عنها من مشكلات وروائح ضارة.
ويبقى التلوث الصادر عن عوادم السيارات و تسعى مديرية شؤون البيئة في حمص للحد من التلوث الغازي الصادر عن عوادم السيارات وآثاره السلبية على صحة الانسان والبيئة من خلال جولات ميدانية في المحافظة وأخذ أرقام السيارات المخالفة منذ بداية عام 2003 وذلك لمعالجة أداء المحرك بما يضمن سلامة البيئة والصحة.
الشركة العامة للأسمدة وفي ردها على التقرير البيئي أكدت الغالبية العظمى من النقاط الواردة.. أما المعلومات التي قدمها طبيب الشركة حول الآثار الصحية للغازات على صحة الانسان فإنها لم تلحظ أية حالة من حالات الاصابة بالفلور كتشخيص مرضي لدى العاملين في الشركة وأهم معالم الاصابة كانت ترقط الأسنان وتآكل أربطة المفاصل كما أن الدراسات حول سمية الفلور تناولت استهلاكه عن طريق الجهاز الهضمي ومع المياه ولم تتعرض الدراسات لحالات استنشاق الفلور بالشكل الغازي وحول تأثير حمض الكبريت وأكاسيد النتروجين لم يلاحظ الطبيب أية منعكسات على صحة العاملين.
الشركة ترد...!!
بناءً على التقرير النهائي للجنة المشكلة بالقرار رقم /65/ تاريخ 29/2/2004 والصادر عن السيد رئيس مجلس الشعب ومهمتها دراسة الأضرار الناتجة عن التلوث البيئي من جراء عمل الشركة العامة للأسمدة في حمص ردت الشركة بأن التلوث البيئي للبحيرة ونهر العاصي والجوار ناتج عن عدة منشآت صناعية متقاربة (قطاع عام ـ قطاع خاص) ومن أهمها الشركة العامة للأسمدة (معمل السماد الفوسفاتي) والرحبة في قطينة والشركة العامة لمصفاة حمص والقطاع الخاص من معامل بوظة ومعامل علف الدواجن وغيرها.
وتم التعاقد مع هيئة الطاقة الذرية لاجراء مسح بيئي شامل للمنطقة المحيطة بالشركة ولفترة تسعة أشهر لمعرفة كافة الملوثات الغازية والقيم الحقيقية لها، كما استقدمت الشركة رئيس معهد الأبحاث البيئية في جامعة Leobon النمساوية الذي درس واقع الشركة وقدم تقريره عنها.
هيئة الطاقة الذرية وبناء على طلب الشركة العامة للأسمدة قدمت تقريرها حول تقييم أثر معامل الشركة على العاملين والبيئة المجاورة وذلك في الشهر الثالث من عام 2005 وأكد التقرير أن قياسات ملوثات الهواء داخل أقسام معامل الشركة العامة للأسمدة معظمها تقع دون الحدود المسموح بها مع وجود ارتفاع طفيف في تراكيز الكبريت والأمونيا في قسم انتاج حمض الكبريت والكالنترو اضافة الى ارتفاع تراكيز الغبار في حرم المعامل.
كما دلت النتائج للعينات البيئية المختلفة التي جمعت من المناطق المجاورة للمعامل (المباركية ـ قطينة ـ تل الشور) على وجود ارتفاع طفيف في تراكيز الكادميوم والفلور في بعض العينات النباتية والتربة الزراعية التي جمعت من قطينة المباركية أما تراكيز الكادميوم والفلور فهي مرتفعة في المناطق القريبة من سور المعامل.
ملوثات صناعة الفوسفات
تعد الصناعة الفوسفاتية من مرحلة الاستخراج الى مرحلة تصنيع المركبات الفوسفاتية واستخداماتها احدى المصادر الهامة لتلويث البيئة السورية ومن أهم الملوثات :العوالق الهوائية الناجمة عن عمليات النقل والتفريغ والانتاج في مناطق مناجم الفوسفات وتخزينها وتصديرها ومعامل الأسمدة الفوسفاتية وتؤثر هذه العوالق بشكل مباشر في القرى المجاورة المأهولة بالسكان والغطاء النباتي المحيط.
وتختلف نوعية الانبعاثات وكمياتها تبعاً للعمليات الفيزيائية والكيميائية المستخدمة في عملية التصنيع وطبيعة المادة الخام وماتحويه من مركبات سامة وتشمل الانبعاثات الصادرة عن تصنيع حمض الفوسفور والناجمة عن تصنيع أحادي وثلاثي سوبر فوسفات والانبعاثات الناجمة عن تصنيع الأسمدة متعددة المغذيات.
ونظراً للأثر البيئي والصحي لهذه الصناعة وقعت الشركة عقداً مع هيئة الطاقة الذرية السورية لاجراء دراسة لملوثات البيئة المجاورة للشركة حيث تقع معامل الأسمدة الفوسفاتية والآزوتية بالقرب من بلدة قطينة في منطقة زراعية مأهولة بالسكان وعلى ضفاف بحيرة قطينة وجرى قياس مستويات العوالق الهوائية والغازات المختلفة داخل حرم معمل الأسمدة وقياس مستويات الضجيج ضمن أقسام المعمل وتقييم الآثار الناجمة عن المنبعثات المنطلقة من الشركة العامة للأسمدة على القرى المجاورة.
ودلت نتائج تراكيز الملوثات في العوالق الهوائية ضمن حرم المعمل على ارتفاع نسب الفوسفات في العوالق وكذلك في المناطق المجاورة.
كما يعتبر الضجيج من الملوثات الهامة في بيئة المعمل.
وتنتقل الملوثات الناجمة عن الصناعة الفوسفاتية الى البيئة المجاورة إما عن طريق سقوط الغبار والعوالق الهوائية المحملة بالملوثات على التربة والنباتات الورقية وري المزروعات بمياه ملوثة نتيجة رمي النفايات السائلة في مصادر المياه كالأنهار والبحيرات أوغسل الملوثات من النفايات الصلبة كالفوسفوجبسوم وانتقالها الى المياه السطحية والجوفية ولوحظ أن بعض المزروعات تروى بمياه بحيرة قطينة ونهر العاصي والمتأثرة بالصناعة الفوسفاتية أما تراكيز الكادميوم والفلور فلوحظ أن أعلى التراكيز بالقرب من الجهة الشرقية والجنوبية الشرقية للمعمل.
الرأي الطبي للشركة
أكد طبيب الشركة ونتيجة لفحص عمال المعامل الثلاثة لشركة الأسمدة لعام 2003 ـ 2004 أن التهاب البلعوم والأغشية المخاطية هو أكثر الأمراض انتشاراً في الشركة وأقل ماتكون عليه في معمل الكالنترو وتتضاعف في معمل الأمونيا وتشمل الأذيات التنفسية (الربو ـ ايجابية الصورة الشعاعية ـ اضافة الى السعال والزلة التنفسية والقشع والألم الصدري والنسب متقاربة في المعامل الثلاثة).
ولوحظت زيادة نسبة الآفات القلبية والوعائية في معمل الكالنترو وبشكل ملحوظ عن باقي المعامل وتشمل الآفات القلبية احتشاء العضلة القلبية وارتفاع التوتر الشرياني وقثطرة قلبية ايجابية.
كما ترتفع نسبة نقص السمع في معمل الأمونيا يوريا ويعزا ذلك الى الضجيج وفيما يخص الآلام العظمية والمفصلية تشكل حوالي 3،14% ويلاحظ زيادتها في معمل سماد السوبر فوسفات وفي معمل الكالنترو.
وتمت معايرة الفلور في بول /164/ عاملاً في الشركة بالتعاون مع مخبر السموم في وزارة الصحة من معمل سماد السوبر فوسفات ولوحظ أن 71 عاملاً تجاوزت قيمة الفلور لديهم في البول 5،0 ملغ/ليتر ولايمكن أن تندرج هذه الفئة تحت بند تسمم بالفلور كون حدود التعرض المهني هي 4 ـ 5 ملغ/ليتر.
ولاتزال العلاقة بين مقدار الفلور الحيوي في الجسم والأعراض والعلامات السريرية غير واضحة.
كما تم احصاء الاصابات السرطانية في الشركة عام 1990 وبلغت /47/ حالة منها سرطانات الرئة والدم والجهاز الهضمي وسرطان العظام والخصية والجلدية والحنجرة وسرطان درق وسرطان البلعوم الأنفي والثدي..
تحري الفلور
في عام 2000 اشتكى الأهالي القاطنين في المناطق القريبة من معمل السماد الآزوتي من تسمم بمادة الفلور المنطلقة من مداخن المعمل وعلمت مديرية صحة دمشق أن هناك حوالي 4000 عامل يعانون من أعراض تتراوح مابين ترقق العظام ـ وأعراض قلبية ـ نقص تكلس ـ آلام مفصلية علماً أنه لايوجد حول المعمل أثر للحياة من حيوان ونبات وقام مخبر السموم بالاجراءات اللازمة لأخذ العينات ومراسلة منظمة الصحة العالمية حول التراكيز الطبيعية المسموح بها والسامة المعتمدة لعينة البول والمياه اضافة الى مسح المناطق المحيطة بالمعمل.
ودلت معظم النتائج على أن التركيز المرتفع يقع ضمن المباركية وكمام والمعمل وقطينة وهي المناطق الأقرب الى المعمل أما نسبة الحالات المرضية لعمال المعمل فكانت عالية ففي عام 2004 كانت النسبة 3،43%.
وفي عام 2001 ارسلت عينات عشوائية الى جامعة ميونخ لتحليلها وفي عام 2002 تم الاشتراك ببرنامج ترابط لضبط جودة التحاليل المخبرية مع هيئة الطاقة الذرية وكانت النتائج مطابقة.
وبعد...
حلول كثيرة تطرح وهي أساساً ليست جديدة ومنها نقل المعامل الملوثة وتوجيه الانذارات للشركات الملوثة سواء القطاع العام أو الخاص والعمل على تأهيل محطة المعالجة وغيرها الكثير.. ومايهم الناس فعلاً أن لاتبقى الاجراءات وكالعادة على الورق.. خوفاً من تكرار ماحدث في قطينة وضماناً لحياة وصحة